النجف الاشرف - حي الحسين - مجاور هيئة الحج والعمرة 07800412419 email@minber.org

الأخبار والنشاطات

هنا تجد أحدث أخبار ونشاطات المؤسسة

ناصر الإمام الحسين (ع) عثمان بن أمير المؤمنين

* هو:

أشهرُ مِن أن يُعرَّف بأُسرته، فأبوه: أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين الإمام عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، أوّل مَن آمن وصدّق وصلّى خلف النبيّ صلّى الله عليه وآله، وهو الأتقى والأعلم والأعبد والأقضى بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله.. بشهادة رسول الله صلّى الله عليه وآله نفسِه في أحاديث وافرة ينقلها المسلمون على اختلاف مشاربهم. وهو سلام الله عليه بطل الإسلام الأوّل، شارك في جميع الحروب على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وبعده، فحارب المشركين والكافرين والقاسطين والمارقين والناكثين.. حتّى استُشهد في محراب صلاته صلوات الله عليه.

أمّا أُمّه: فهي المرأة الجليلة الفاضلة أُمّ البنين بنت حِزام، الكِلابيّة، كان أهلها من سادات العرب وأشرافهم وأبطالهم، وقد عُرِفَت بالنُّبْل والوفاء والتضحية والولاء الصادق الراسخ لأهل البيت عليهم السلام، فقدّمت أولادَها الأربعة: العباسَ وجعفراً وعبدَ الله وعثمان ـ أبناءَ أمير المؤمنين عليه السلام منها ـ إلى الركب الحسينيّ؛ ليكونوا شهداءَ بين يَدَي سيّدهم وإمامهم أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

وقد رُويَ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «إنّما سمّيتُه عثمانَ، باسم أخي عثمان بن مظعون» (1)، وهو الصحابيّ العابد، الحَييُّ الصالح الزاهد، رضوان الله عليه (2).

عاش عثمان بن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام مع أبيه نحوَ أربع سنين، ومع أخيه الحسن عليه السلام نحو أربع عشـرة سنة، ومع أخيه الحسين عليه السلام ثلاثاً وعشرين سنة ـ وهي مدّة عمره عند شهادته ـ (3)، وقيل: كان ـ يومَ قُتِل ـ ابنَ إحدى وعشرين سنة (4).

* إلى ساحة الوغى:

لمّا رأى العبّاسُ بن عليّ عليهما السلام كثرةَ القتلى في أهل البيت عليهم السلام، قال لإخوته من أُمّه وأبيه (عبد الله وعثمان وجعفر): تقدّموا يا بَني أُمّي، حتّى أراكُم نَصَحتم لله ولرسوله. والتَفَتَ إلى عبد الله أخيه ـ وكان أكبرَ مِن عثمان وجعفر ـ فقال له: تَقَدّمْ يا أخي، حتّى أراك قتيلاً وأحتسبَك (5). فقاتَلوا بين يَدَي أبي الفضل العبّاس حتّى استُشهِدوا بأجمعهم.

* المَنال:

لمّا قُتِل عبد الله بن الإمام عليٍّ عليه السلام في ساحة طفّ كربلاء، دعا العبّاسُ عليه السلام أخاه عثمانَ وقال له: تَقَدّمْ يا أخي ـ كما قال ذلك لأخيه عبد الله مِن قبل، فبرَزَ فاستُشهِد رضوان الله عليه ـ، فبرز عثمان.. وتقدّم إلى الحرب يضرب بسيفه وهو يقول:

إنّي أنا عثمانُ ذُو المَفاخِرْ  شيخي عليٌّ ذو الفِعالِ الطاهرْ

هذا حسينٌ سيّدُ الأخايرْ  وسيّد الصغارِ والأكابرْ

وفي روايةٍ أُخرى أنّه قال:

إنّي أنا عثمانُ ذو المَفاخر  شيخي عليٌّ ذو الفِعالِ الظاهرْ

وإبنُ عمٍّ للنبيِّ الطاهرْ    أخي حسينٌ خِيرةُ الأخايرْ

وسيّدُ الكبارِ والأصاغرْ   بعد الرسولِ والوصيِّ الناصرْ (6)

فما زال عثمان بن أمير المؤمنين عليه السلام يقاتل.. حتّى رماه خَوْليُّ بن يزيد الأصبحيّ لعنه الله بسهمٍ فوقع في جبينه، فأوهَطَه (7)، فسقط عن فرسه لجنبه، وشدّ عليه رجلٌ من بني أبان بن دارم (8) فقَتَله واحتزّ رأسَه رضوان الله عليه (9).

فسلامٌ من الله تبارك وتعالى عليك يا شهيد كربلاء، ويا مَن قال فيه الإمامُ الحسين عليه السلام وفي أهل بيته وأصحابه: «إنّي لا أعلمُ أصحاباً أَولى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهلَ بيتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهل بيتي، فجزاكمُ اللهُ عنّي جميعاً خيراً» (10).

وسلامٌ من الله عزّ وجلّ عليك يا شهيد الولاء والوفاء، ويا مَن عناه الإمامُ المهديّ صلوات الله عليه وعلى آبائه بقوله في زيارته لشهداء الطفّ:

«السلامُ على عثمانَ بنِ أميرِ المؤمنين، سَمِيِّ عثمانَ بنِ مَظْعون. لعنَ اللهُ رامِيَه بالسَّهْم خَوْلِيَّ بنَ يزيدَ الأصبَحيَّ الإياديّ، والأبانيَّ الدّارميّ» (11).

بقلم المألف الاستاذ

الحاج جعفر البياتي

_________

([1]) مقاتل الطالبيّين: 55.

(2) هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وُهَيب القرشيّ الجُمَحيّ، أسلم بعد ثلاثة عشـر رجلاً، وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً، وكان ممّن حرّم على نفسه الخمر في الجاهليّة.. تُوفّي في ذي الحجّة سنة 2 من الهجرة، فدُفن في البقيع، فجعل النبيُّ صلّى الله عليه وآله على رأس قبره حَجَراً علامة، وقبل ذلك جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى بيته وقال: «رَحِمك الله أبا السائب»، ثمّ انحنى عليه فقبّله، وقيل: كشف الثوب عن وجهه ثمّ قبّل ما بين عينيه، ثمّ بكى طويلاً، فلمّا رُفع السـرير قال: «طُوباك يا عثمان، لم تَلْبَسك الدنيا ولم تَلْبَسها»، ثمّ صلّى عليه ودفنه في بقيع الغَرْقَد.. وجَعَل يزوره.

(3) إبصار العَين في أنصار الحسين عليه السلام: 68.

(4) مقاتل الطالبيّين: 55.

(5) مقاتل الطالبيّين: 54.

(6) مناقب آل أبي طالب 4: 107، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزميّ 2: 29.

(7) أي: أثخنه بالجراحة حتّى أضعفه.

(8) أو: أبان بن حازم.

(9) مقاتل الطالبيّين: 55، بحار الأنوار 45: 37، العيون العَبرى: 163.

(10) تاريخ الطبريّ 6: 238 ـ 239، الكامل في التاريخ لابن الأثير 4: 34، الإرشاد للشيخ المفيد: 231.

(11) إقبال الأعمال: 56.

العودة للأعلى