الأدلة العقلية والنصوص الشرعية تحتم على الإنسان العاقل فضلا عن المؤمن ان يتخذ لنفسه ميزانا قويما يزن به أفكاره واعماله وما له وما عليه.
ولكن السؤال ما هو الميزان الذي يضمن لي رجاحة وسداد أفكاري و أعمالي ؟
الجواب
إن الله تعالى جعل المعصومين من الأنبياء والأوصياء ميزانا للناس يزنون بهم افكارهم واعمالهم .
لذلك نرى الحريصين على دينهم و معتقدهم اتخذوا النبي (ص) والأئمة الأطهار ميزانا يزنون به افكارهم واعمالهم.
منهم: إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي جعفر (ع) أعرض عليك ديني الذي أدين اللَّه تعالى به؟
قال فقال: هات
قال فقلت أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند اللَّه وأن عليا كان إماما فرض اللَّه طاعته ثم كان بعده الحسن إماما فرض اللَّه طاعته ثم كان بعده الحسين إماما فرض اللَّه طاعته ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض اللَّه طاعته حتى انتهى الأمر إليه .
ثم قلت أنت يرحمك اللَّه.
قال فقال هذا دين اللَّه 1 ودين ملائكته 2,3.
منهم: عمرو بن حريث قال : دخلت على أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) وهو في منزل أخيه عبد اللَّه بن محمد.
فقلت له جعلت فداك ما حولك إلى هذا المنزل فقال طلب النزهة .
فقلت جعلت فداك ألا أقص عليك ديني؟
فقال بلى .
قلت أدين اللَّه بشهادة أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن اللَّه يبعث من في القبور وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله) والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده صلوات اللَّه عليهم أجمعين وأنكم أئمتي عليه أحيى وعليه أموت وأدين اللَّه به .
فقال: يا عمرو هذا واللَّه دين اللَّه ودين آبائي الذي أدين اللَّه به في السر والعلانية فاتق اللَّه وكف لسانك إلا من خير ولا تقل إني هديت نفسي بل اللَّه هداك فأد شكر ما أنعم اللَّه به عليك …4 .
منهم: عبد العظيم بن عبد اللَّه الحسني قال : دخلت على علي الهادي (ع) فقال مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقا قال فقلت له ( ع ) يا ابن رسول اللَّه (ص) إني أريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى القى اللَّه عز وجل فقال ( ع ): هاتها يا أبا القاسم ، فقلت أخ 5.
إذن كان دأب المؤمنين الحريصين على دينهم ومعتقدهم يعرضون دينهم ومعتقدهم على الأئمة في زمنهم فمن للمؤمنين في زمن الغيبة؟
الجواب:
العلماء الربانيون الذين يأخذون من النبي (ص) والائمه المعصومين (ع) علومهم.
العلماء في زمن الغيبة ميزان قوي لمن اراد ان يضمن سلامة دينه وسلامة معتقده ويضمن سعادته في الدنيا ونجاته في الآخرة.
لابد ان نلتزم بهذا النهج نعرض ما نعتقد به على معتقدات النبي الأكرم (ص) والائمه الميامين (ع) والعلماء الربانيين وهذا واحد من وجوه الحكمة عندما أمر الشارع الناس بتقليد العلماء الربانيين وهذا يضمن عده امور:
منها: سلامة المعتقد وصحة الفكر.
منها: ضمان براءة الذمة أمام الله تعالى الذي أمر عباده أن يسلكوا الصراط المستقيم (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)6 الصراط المستقيم هو الذي يبرئ ذمه الانسان امام ربه.
منها: الوصول الى الغايات والاهداف حتى في الدنيا لان الانسان اذا لا يتبع العالم وهو ليس بعالم يكون مصيره الهلاك, لذلك أحال أهل البيت شيعنهم الى العلماء وهذا ما نستشفه من رواية أبا حماد الرازي.
يقول: دخلت على علي بن محمد (عليهما السلام) بسر من رأى، فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني فيها، فلما ودعته.
قال لي: يا حماد إذا أشكل عليك شئ من امر دينك بناحيتك فسل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني واقرأه مني السلام 7 .
والله ولي التوفيق
بقلم الخطيب
السيد علي محمد تقي البعاج
17/شعبان/1442هـ
_________
[1] أي دين فرض الله التدين به
2 دين نزلت به ملائكته
3 الوافي – الفيض الكاشاني – ج 2 – ص 96
4 الوافي – الفيض الكاشاني – ج 4 – ص 95
5 النور الساطع في الفقه النافع – الشيخ علي كاشف الغطاء – ج 2 – ص 86
6 يس 61
7 مستدرك الوسائل – ميرزا حسين النوري الطبرسي – ج 17 – ص 321
