إن التفاوت الموجود في المهارات العقلية لدى الإنسان هو تفاوت طارئ عليه، فالانسان يرث مهارة عقلية غير متفاوتة بالأصل، ثم يأتي دور (الوراثة) و (البيئة) المصاحبة للإنسان أثناء حمله في بطن أمه وما تتعرض له الأم مثل الصدمة وسوء التغذية والصحة والمرض وغيرها، التي تترك اثرها على دماغ الجنين،
إضافة إلى البيئة التي تحتضن المولود بعد الولادة، فالمولود الذي يعيش في بيئة نقية قبل وبعد الولادة هو ذلك الانسان الذي يتمتع بمارات عقلية عالية، ويمكن الاستدلال على ذلك من حديث الإمام الصادق ع عندما سأله احد أصحابه عن التفاوت في الفهم عند الناس.
قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : الرجل آتيه وأكلمه ببعض كلامي فيعرفه كله، ومنهم من آتيه فأكلمه بالكلام فيستوفي كلامي كله ثم يرده علي كما كلمته، ومنهم من آتيه فأكلمه فيقول: أعد علي؟!.
فقال: يا إسحاق! وما تدرى لم هذا؟ .
قلت: لا.
قال: الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرفه كله فذاك من عجنت نطفته بعقله، وأما الذي تكلمه فيستوفى كلامك ثم يجيبك على كلامك فذاك الذي ركب عقله فيه في بطن أمه، وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول: أعد علي، فذاك الذي ركب عقله فيه بعدما كبر، فهو يقول لك: أعد علي.
فلاحظ المهارات العقلية بمستوياتها الثلاثة في الحديث
١- المستوى الفطري الذي حافظ عليه قبل وبعد الولادة، والذي عبر عنه الإمام الصادق (ع) (فذاك من عجنت نطفته بعقله) ومثاله الرجل الذي يفهم كل الكلام بمجرد الاستماع إلى بعضه.
٢- المستوى المتوسط الذي طرات عليه بعض الظروف في رحم امه، والذي عبر عنه الإمام الصادق (ع) (فذاك الذي ركب عقله في بطن أمه) ومثاله الرجل الذي يحتاج ان يستمع إلى كل الكلام لا بعضه حتى يفهمه، وهذا يتمتع بمهارة عقلية متوسطة بالقياس إلى المستوى الأول.
٣- المستوى الثالث الذي تكون مهاراته العقلية مرتبطة في البيئة ما بعد الولادة وهو الغالب والذي عبر عنه الإمام الصادق (ع) ( فذاك الذي ركب فيه بعدما كبر) وأمثاله الرجل الذي لا يستوعب الكلام إلا بعد الاعادة والتكرر، وهذا المستوى هو الأدنى بالقياس إلى الأول والثاني، والذي عادة يعتمد على التجارب.
بقلم سماحة الخطيب
الشيخ حميد الكلابي
