النجف الاشرف - حي الحسين - مجاور هيئة الحج والعمرة 07800412419 email@minber.org

الأخبار والنشاطات

هنا تجد أحدث أخبار ونشاطات المؤسسة

حالات الانسان بين الغي والعناد

مؤسسة المنبر الحسيني

ورد في بعض المصادر إن الإمام الحسين (ع) بكى على أعدائه يوم عاشوراء واعترض البعض أن ذلك يخالف ما ورد في القرآن الكريم بالنسبة لإقامة الحد على الزاني والزانية من النهي عن أن تأخذنا بهم رأفة في دين الله .

وبناء عليه هل يمكن أن تأخذ الإمام الحسين (ع) الرأفة على أعداء الله فيبكي عليهم ، ويمكن بلورة الإشكال بسؤالين .

الأول :

هل يمكن التصور بأن أولياء الله يبكون على قاتليهم ؟ .

الثاني :

وهل يمكن التصور بأن أولياء الشيطان يبكون على أولياء الله ؟ .

بغض النظر عن صحة الرواية أو عدمها أتساءل هل كان هنالك قلب كقلب المولى ابي عبد الله الحسين (ع) ؟! .

وهل كان هنالك حزن كحزن حل في قلب الإمام الحسين (ع) في ذلك الموقف الرهيب ؟! .

والإمام الحسين (ع) هو ذلك الحنان الكبير، والعطف والشفقة والرأفة، كان كجده المصطفى (ع) في خصاله المباركة ومشاعره الشريفة، حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (1)، فعز على الإمام الحسين (ع) ما عنتوا، فبكى على اعدائه، فحرص على ان يتم عليهم الحجة، وامهلهم عسى ان يفيقوا من غفلة مردية فخطب فيهم وذكرهم طويلاً ووعظهم ونبههم الى ما هم قادمون عليه، وعرفهم نفسه وهم يعرفونه، وكم الزمهم الحجة عليهم، ودعاهم الى النجاة .

وجاء في جواب سماحة المرجع الديني أية الله الشيخ محمد السند دامت بركاته

عن السؤال الاول:

شفقة ورأفة النبي الأكرم (ص) وأهل البيت الكرام (ع) بالأمة والبشر كبيرة عميمة , ما لم يستوجب بعضهم سخط الله وغضبه ومقته وعداوته .

(وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) . 2
فطلب الهداية والشفقة والرأفة لها قيود وحدود فإذا حقت كلمة العذاب او استوجبوا سخط الله ونقمته او لجوا في شقاق وعداوة الله تعالى ونحو ذلك انقطعت رحمة الله عنهم .

ومن ثم فرق القرآن بين العدو المتعدي من الكفار ومن هو مسالم منهم (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) . 3

عن السؤال الثاني:

١-بكاء الطغاة على الاولياء متصور لكن نوع هذا البكاء ليس رحمة وعطوفة شفقة , بل هذا البكاء هو تأنيب الضمير والوجدان وهو حجة البالغة لله تعالى على عباده وهو مظهر الحاكمية في يوم القيامة (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) . 4
(اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) . 5

2- حالات النفس متعددة وغرائبها كثيرة نظرا لوجود نزعات وقوى متدافعة كثيرة فيها (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) . 6

ومن تلك الحالات (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) 7 فعرضتهم الندامة مع انهم استوجبوا النار ولات حين مناص .
3- ومع استدعاء الضمير والوجدان نجد الخير الا ان القلوب القاسية المنكوسة لا تدع مجالا للتأثر والاستجابة لنوازع الخير وهذا نظير ما روي عن معاوية مع شدة عداوته وضرواته في ذلك ولم يفتأ الى آخر حياته يدشن العداوة لتشويه شخصية امير المؤمنين (ع) الا انه ينفعل من شدة كمالات امير المؤمنين (ع) ولكن هذا الانفعال لا بدرجة ان يتأثر الى حد الانقطاع عن العدوان فضلا عن الارعواء والانقياد الى الحق.

والله ولي التوفيق .

بقلم / الخطيب السيد علي محمد تقي البعاج


1 التوبة، ۱۲۸
2 التوبة 114
3 الممتحنة 9
4 القيامة 14
5 الاسراء 14
6 القيامة 8
7 يونس 54

العودة للأعلى