النجف الاشرف - حي الحسين - مجاور هيئة الحج والعمرة 07800412419 email@minber.org

الأخبار والنشاطات

هنا تجد أحدث أخبار ونشاطات المؤسسة

حدود التكامل والتسافل عند الانسان

الانسان عبارة عن مجموعة من الطاقات والقابليات التي يجب أن يستثمرها خلال تواجده في الدنيا من أجل الوصول إلى أعلى المراتب، وهنا نطرح تسائلاً  وهو : هل هناك حد في تكامل الانسان عقلياً، ونفسياً، وسلوكياً؟.

وهل يمكن غلق باب التكامل في حركة الانسان؟.

في مقام الإجابة نقول : لا حد في هذا الطريق، فإن الانسان مهما بلغ من العلم فلا يدعي الوصول، فإن هذا الباب متصل بعالم الغيب، وهذا يعني لا حد له، قال تعالى : ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾1.

بل الأخطر من ذلك أن هذا الباب مفتوح من جهة التسافل والرجوع أيضاً، بمعنى ان الانسان مهما وصل به المقام فليس ببعيد ان يتسافل ويتقهقر راجعا إلى الوراء، فلا يغتر بنفسه وليحذر من هذا الطريق، والشواهد القرآنية والتاريخية، بل حتى في حاضرنا، نجد هناك من وصل إلى درجة عالية من المراتب العلمية لكنه تسافل وساءت عاقبته والعياذ بالله، من هنا يجب عدم الأمن من مكر الله، ومراقبة النفس أثناء السير في هذا الطريق، فإن الشيطان يجلس عليه ويتربص بالمؤمنين، قال تعالى : (لأقعدن لهم صراطك المستقيم)2.

في المقابل، نطرح هذا التسائل وهو : هل هناك حد في تسافل الانسان؟.

والجواب هو الجواب فكما لا حد للتكامل والتدرج كذلك لا حد للتسافل والانحطاط، فهذا طريق مفتوح، فيخرج الانسان فيه من حد الإنسانية ويصل ويكون كالانعام بل اضل، قال تعالى (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) 3.

نلاحظ قوله (بل اضل) إشارة إلى أن هذا الطريق لأحد له بل مفتوح إلى ما لانهاية، بل مقتضى الحكمة والعدالة الالهية انه كما أن طريق التكامل لانهاية له بالمقابل طريق التسافل لانهاية له، فليحذر الانسان ان لا يقع في الأمن من مكر الله في طريق التكامل، قال تعالى (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)4.

وكذلك لا يقع في الياس من رحمة الله في حالة تسافله وانحطاطه، قال تعالى :(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) 5.

بقلم سماحة الخطيب

الشيخ حميد الكلابي

__________

1 : الاسراء:٨٥.

2 : الاعراف :١٦.

3 : الفرقان: ٤٤.

4 : الاعراف :٩٩.

5 : الزمرى٥٣.

العودة للأعلى