النجف الاشرف - حي الحسين - مجاور هيئة الحج والعمرة 07800412419 email@minber.org

الأخبار والنشاطات

هنا تجد أحدث أخبار ونشاطات المؤسسة

ناصر الرسول الأعظم (ص) صالح المؤمنين

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}1
صدق الله العلي العظيم

مما لا شك فيه أيها السادة , وأكثركم يعلم بذلك , بأن فضل الإمام علي بن أبي طالب (ع) على غيره من الصحابة والتابعين , لهو من أوضح الواضحات لمن كان يبصر ببصيرته وهو كالشمس في رابعة النهار , لمن لم تصم أذناه .

وقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي

والقرآن يشهد لعلي (ع) بذلك في أكثر من أية , والآية التي بين أيدينا شاهدت له على ذلك الفضل أيضا .

في هذه الآية الكريمة نرى الله تعالى يهدد ويتوعد كل من تسول له نفسه بإذاء رسول الله (ص) .

ورب سائل يسأل : لماذا خصص الله تعالى الخطاب بنساء النبي (ص) ؟ .

ويمكن أن نجيب عنه بأمرين .

أولا : أراد الله تعالى أن يبين أن هناك ضغوطات ومحاربة على النبي (ص) من أقرب الناس أليه ومن داخل بيته , وكلما كانت الضغوطات من الأقرباء يكون تحملها أصعب وتأثيرها أشد من غيرها ,ولعل من هذا المنطلق جاء حديث النبي ما أوذي نبي مثل ما أوذيت , وقد أكدت العرب في شعرها هذه الحقيقة
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على الحر من وقع الحسام المهند

ثانيا : هو من باب ( أيك أعني وسمعي يا جارة ) فالله تعالى يهدد كل من يريد أن يعتدي على شخص النبي (ص) أو شخصيته أو رسالته بالانتقام منه , مهما تكن قرابته من رسوله (ص) , وقد أنزلا سورة بعمه أبي لهب تشير إلى ذلك .

ثم أن الله تعالى أيده بنفسه جلة قدرته , وبجبرائيل , وبصالح المؤمنين , وبالملائكة .
ومن حقنا أن نطرح هذا التساؤل وهو محور البحث , من هو صالح المؤمنين ؟ .

الجواب : هناك عدة أراء .

ألرأي الأول : يراد به الجنس وهم خيار المؤمنين من الصحابة والتابعين , وأصلها (صالحوا المؤمنين ) فحذقت الواو للإضافة , فأصبحت (صالح المؤمنين) .

ورد عليه

بأن هذا الكلام خاطئ فإذا أريد به الجمع فأصله (صالحون ) فتحذف النون لا الواو , آه .
ويمكن أن يقال , كما نقول فارس القبيلة وأشجع العشيرة فهو أشجعهم , كذلك صالح المؤمنين فهو أصلحهم , لا من باب الجمع كما توهموا .

ألرأي الثاني : لا يمكن أن نتعرف على حقيقة هذا الناصر لرسول الله (ص) وهو (صالح المؤمنين) ما لم نعرف ما هي الشروط التي لابد من توفرها في من ينصر النبي (ص) , ويمكن أن نختصر في تبيان شرطين.

أ : لابد أن يكون ناصر النبي (ص) قادر على نصرته في أحلك الظروف ومحققا النصر , لا أن يكون ساعيا فقط لنصرته, والدليل على ذلك , قرن الله تعالى نصرة صالح المؤمنين بنصرته ونصرة جبرائيل والملائكة ونصرتهم محقق للنصر لا محالة , ولا يمكن لمؤمن أن يضمن ذالك النصر إلى الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ويوم الخندق شاهد لا ترد شهادته لأمير المؤمنين (ع) عندما عبر (عمر بن ود العامري ) مع عشرة من ألأعوانه وأخذ يرتجز ويقول
ولقــد بححت من النداء
بجمعكــم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن الشجاع
بموقف البطل المناجـز
إني كذلك لــــــــم أزل
متسرعــا نحو الهزائز
إن الشجاعة والسماحة
في الفتى خيـر الغرائز

فأجابه الإمام علي (ع)

لا تعجلن فقـــــــد أتاك
مجيب صوتك غير عاجز
ذو نيــــة وبصيــــــرة
والصبــر منجي كل فائـز
إنــي لأرج أن أقيـــــــم
عليك نائحة العجائــــز
من ضربة نجلاء يبقى
ذكرهـــا عند الهزائــز

ب : أن يكون ناصره في جميع مجالات الحياة , سواء كان في الأمور العسكرية , أو الأمور الإدارية , أو المناظرات العلمية , والتاريخ سجل هذه النصرة لعلي (ع) فعلى سبيل المثال للحصر , نجد رسول الله (ص) يعتمد عليه في أحلك الظروف , ويخوله بإدارة الأمور والتصرف بما يرى فيه المصلحة .

ففي قضية أغضبت النبي (ص) وأحزنت قلبه , وأراد من يفرج همه وكربه فقال لعلي (ع) : يا علي ، أئت بني جذيمة من بني المصطلق ، فأرضهم مما صنع خالد ,: يا علي ، اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك .

فأتاهم علي (ع) ، فلما انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله ، فلما رجع إلى النبي (ص) ، قال : يا علي ، أخبرني بما صنعت ؟ .
فقال : يا رسول الله ، عمدت فأعطيت لكل دم دية ، ولكل جنين غرة 2 ، ولكل مال مالا ، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة 3 كلابهم وحبلة 4 رعاتهم ، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم ، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لما يعلمون ولما لا يعلمون ، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله .
فقال (ص) : يا علي ، أعطيتهم ليرضوا عني ، رضي الله عنك يا علي ، إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي 5.

بقلم / السيد علي محمد تقي البعاج


التحريم:4
2 قال الجزري : وفي الحديث : ( أنه جعل في الجنين غرة عبدا أو أمة ) الغرة : العبد نفسه أو الأمة ، وأصل الغرة : البياض الذي يكون في وجه الفرس ، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول : الغرة : عبد أبيض أو أمة بيضاء ، وسمي غرة لبياضه ، فلا يقبل في الدية عبد أسود ولا جارية سوداء . وليس ذلك شرطا عند الفقهاء ، وإنما الغرة عندهم ما بلغ ثمنه نصف عشر الدية من العبيد والإماء . وإنما تجب الغرة في الجنين إذا سقط ميتا ، فإن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة
3 الميلغة : الاناء الذي يلغ فيه الكلب .
4 الحبلة : الرسن ، وبالتحريك : الجنين الساقط من الدوات والمواشي .
5 الأمالي – الشيخ الصدوق – ص 238

العودة للأعلى